مشاركة المحكمة العليا في اجتماع القاهرة الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية.
انعقدت فعاليات اجتماع القاهرة الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية في الفترة من 12 إلى 14 يونيو 2021 ، تحت رعاية رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي بمشاركة وفود من 40 دولة إفريقية يمثلها رؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية، منها بعض الدول التي تشارك عبر الفيديو (كونفرانس) بسبب توقف حركة السفر ببلدانهم بفعل جائحة كورونا ، وشاركت دولة ليبيا في هذا الاجتماع ممثلة بالأستاذ المستشار محمد الحافي رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى، والأستاذ المستشار د. المبروك الفاخري رئيس الدائرة الجنائية الأولى، وعضو الدائرة الدستورية.
ناقش الاجتماع خمسة محاور:
أولًا: مكافحة الإرهاب في القارة كضرورة أساسية بوصفه ما يهدد الاستقرار في أي دولة أو منطقة. ويهدف هذا المحور إلى استعراض الأفكار المختلفة والحوار حول كيفية مساهمة السلطات القضائية الأفريقية وأدوات القانون الدستوري في مواجهة الإرهاب
ثانيا: تخضير الاقتصاد وإخلاؤه من الكربون: الاقتصاد الأخضر، والحاجة إلى تطوير آليات التصنيع والتصدير والتجارة بما يتوافق مع بيئة سليمة وخضراء وما لذلك من أثر على التصدير والاستيراد بصفة خاصة في ظل المواصفات والجودة، في مقابل أضرار البيئة المحيطة بها، كل هذه التحديات لها آثار قانونية بالإضافة إلى آثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على مجتمعاتنا ولذلك فانه يتعين على السلطات القضائية الأفريقية أن تكون مستعدة للمساهمة في بناء البنية التحتية القانونية الصحيحة للتعامل مع تلك القضايا.
ثالثا : العدالة الإلكترونية والتحول الرقمي في المجتمعات الأفريقية: باعتباره ضرورة أساسية ظهرت في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، تم مناقشة التحديات الكثيرة الخاصة بعملية التحول الرقمي ومن بينها الاطار القانوني اللازم للتعامل مع عدد من القضايا الهامة مثل الحوكمة القانونية لوسائل التواصل الاجتماعي ومحتواها وتأثيرها محليا وعالميا والقواعد القانونية التي يجب أن تحكم المنصات الرقمية مثل التجارة عن طريق الأنترنت والتامين الصحي والسفر وكذلك القواعد القانونية الخاصة بكيفية التعامل مع البيانات الكبيرة والمعلومات الخاصة بالمواطنين.
وشارك في هذا المحور المستشار د. المبروك الفاخري بورقة بحثية بعنوان المحاكمة عن بعد في القانون الليبي.
رابعا: إصلاح أنظمة الرعاية الصحية: عقب انتشار جائحة الفيروس المستجد والحفاظ على صحة المواطنين، وتوفير اللقاحات لتحصين المواطنين وضمان عدالة توزيعه وإنتاجه وضمان حصول كل شخص في الدول النامية عليه،
خامسا: القيم القضائية والعدالة الانتخابية:
في هذه الجلسة تم اطلاع الوفود على آخر المستجدات الخاصة بالتطورات الدولية القانونية بشأن مفهوم القيم القضائية وعلى وجه التحديد فيما يتعلق بقيم الاستقلال والمساءلة والموضوعات المتعلقة بالإجراءات اللازمة للحفاظ على استقلالية الهيئة القضائية ونزاهتها. وفي هذه الجلسة أيضا تم تناول العدالة الانتخابية وظاهرة اللجوء إلى المحكمة من اجل تسوية المنازعات الانتخابية.
وشارك الأستاذ المستشار محمد الحافي في المحور الرابع بورقة بحثية بعنوان مبادئ الأخلاق القضائية – قراءة في مدونة السلوك القضائي الليبية.
الجلسة الافتتاحية
افتتح المؤتمر بعد عرض فيديو تسجيلي عن تاريخ المحكمة الدستورية العليا المصرية والمؤتمرات الدستورية للمحاكم الأفريقية الأربعة السابقة، بكلمة ترحيب ألقاها المستشار د. عادل عمر شريف نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا،
كما تحدث المستشار سعيد مرعي عمرو رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية وقال إن الاجتماع الخامس ينعقد في القاهرة معبرة عن لحظة تاريخية يتيه ورحب برؤساء المحاكم الدستورية والمجالس العليا الأفريقية.
وفي رسالة مسجلة له بالجلسة الافتتاحية قدمها بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة السابق، لاجتماع القاهرة الخامس لرؤساء المجالس والمحاكم الدستورية الأفريقية بإنه حان الوقت لإعادة التفكير في أهمية تطوير الفقه القضائي لتحسين عالمنا والنهوض به، وأنه ليسعدني أن أكون جزءا من اجتماع القاهرة، وجزء من الحدث، كما رحب بكل المشاركين ، مؤكدا على أن اجتماع القاهرة له أهمية خاصة في ظل جائحة كورونا وأزمة المناخ، ومكافحة الإرهاب، مطالبا القادة بالعمل عبر الحدود وفي المجتمعات الفقيرة والغنية لتحقيق الأهداف، ولفت إلى أن الموظفين والمحامين والقضاة لابد أن يمارسوا دورهم للتغلب على التحديات الأربعة, وأنه ينبغي أن نحقق القضاء على الفقر والإصحاح الجيد وتحقيق المساواة والعدالة والسلام، ونتمكن معا لتحقيق التنمية المستدامة وأتمنى لكم اجتماعا مثمرا.
وقال المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية السابق إن اجتماع القاهرة رفيع المستوى يعد منصة للقضاء الدستوري الأفريقي، وأكدت تجربة الاجتماع على تضافر الجهود، وتأصيل الصيغة القانونية بما يتماشى مع متطلبات الدول الأفريقية الآن من التنمية، وأن تكون كلمة أفريقيا واحدة رغم اختلاف اللغات وتجاوز الحدود.
الجلسة الختامية
وفي ختام أعمال اجتماع القاهرة الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية.
أكد رؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا، والمجالس الدستورية الإفريقية، في ختام أعمال اجتماع القاهرة الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، على أهمية وضع سياسات واتخاذ الإجراءات التي تعزز دور السلطات القضائية في بلدان القارة السمراء، لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، باعتبار أنه يقوض الأسس الديمقراطية للمجتمعات، ويؤدي إلى عدم الاستقرار ويهدد سلامة وأمن ورفاهية المواطنين، ويعيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة.
وكلف المشاركون في الاجتماع، الأمانة العامة للمؤتمر ببدء المشاورات مع جميع أصحاب الجهات المعنية لتحديد المواعيد المحتملة لعقد اجتماع القاهرة السادس في مصر في العام المقبل 2022 والمتابعة مع الدول المشاركة، مؤكدين أهمية إضفاء الطابع المؤسسي على اجتماعات القاهرة رفيعة المستوى كمنتدى دائم مقره المحكمة الدستورية في القاهرة، وعقدها سنويًا في مصر لخدمة القضاء في البلدان الإفريقية وتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا ذات الأولوية.
وأكد القضاة الأفارقة المشاركون في المؤتمر، ضرورة العمل على التخفيف من التهديدات والتحديات التي يطرحها وباء كورونا على أنظمة العدالة في إفريقيا بما في ذلك القضاة والمدعون العامون والمحامون وما يتعلق بالأداء الجيد للمنظومات القضائية واستقلاليتها وفعاليتها.
وحث المشاركون في المؤتمر على وجوب أن تقوم الهيئات القضائية الإفريقية والمجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهد للوقوف على إمكانية استحداث أدوات تشريعية تضمن التوزيع المتكافئ للقاحات المضادة لفيروس كورونا بين الدول بما في ذلك تعزيز الإنتاج المحلي للقاحات في الدول الإفريقية ونقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى بلدان القارة، وتخفيف حواجز الملكية الفكرية حتى لا ينتهي الأمر بهذه الأزمة الصحية العالمية إلى التأثير بشكل غير عادل ينال من الدول الإفريقية والنامية أكثر من بقية دول العالم.
وأعرب القضاة الأفارقة عن قلقهم إزاء التحديات التي تواجه البلدان الإفريقية في التكيف مع التحول الرقمي للعدالة، لاسيما فيما يتعلق بالخصوصية وحماية البيانات والحوكمة والتدريب والتمويل، مشددين على أن هذا الاتجاه العالمي المتنامي يحتم إعادة تعريف مستقبل العدالة باعتبار أن التحول الرقمي يحمل العديد من الفوائد بما في ذلك جعل العدالة أكثر فعالية، ويسهل الوصول إليها وبأسعار معقولة لاسيما لغير المستفيدين وبالتالي يؤدى إلى تحسين مشاركة المواطنين وتمكين الناس من إنفاذ حقوقهم القانونية بشكل أفضل في الوقت المناسب .
ورحب المشاركون في المؤتمر بالتقدم الذي تم إحرازه في المرحلة الأولية من قاعدة “البيانات القضائية والدستورية الرقمية الإفريقية ومركز المعلومات” الذي تم إطلاقه عام 2019 بهدف إنشاء مكتبة رقمية لجميع الدساتير والأحكام القضائية الإفريقية بما يسهل تبادل المعلومات مؤكدين على ضرورة الالتزام بمواصلة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان التطبيق الفعال لسيادة القانون في الدول الإفريقية خاصة وأنه لا غنى عن ذلك لسيادة العدالة الاجتماعية باعتبار ذلك شرط مسبق وضروري لتمتع المواطنين الإفريقيين بالحقوق الأساسية، كما أنه يمثل عاملًا مهمًا في دعم تنمية مستدامة للأجيال القادمة .
وأشاروا إلى وجوب اتخاذ تدابير إضافية لتوسيع التعاون بين الدول الإفريقية في مجال التدريب القضائي والتطوير المهني المستمر لبناء المزيد من قدرات القضاة والمهنيين القانونيين وصقل معارفهم بما في ذلك من خلال عقد دورات تدريبية وورش عمل وتبادل أفضل الممارسات وأنشطة زيادة الوعي.
وشدد القضاة الأفارقة على ضرورة اتخاذ مزيد من التدابير لضمان استقلال القضاء ونزاهته في بلدان القارة الإفريقية بالنظر للأهمية القصوى كأساس لأي مجتمع ديمقراطي وكشرط مسبق للحكم الخاضع للمساءلة والحق في محاكمة عادلة، والحرية والأمن الشخصي، والانتصاف الفعال لانتهاكات حقوق الإنسان، مشددين على ضرورة تعزيز التعاون بين القضاة الأفارقة لمكافحة الفساد، في الأنظمة القضائية نظرًا لآثاره المدمرة على إقامة العدل وتأثيره الضار على المواطنين وإمكانية تعريضه لشرعية واستقرار المؤسسات الديمقراطية للخطر وتقويض مبادئ استقلال وحياد ونزاهة القضاء .
وأكد القضاة الأفارقة أهمية ضمان التمثيل الحقيقي للعمليات الانتخابية في البلدان الإفريقية، مرحبين بإجراء الانتخابات في عدد من البلدان الإفريقية خلال العام الماضي بطريقة حرة ونزيهة وبدعم من السلطة القضائية في هذه البلدان
وشددوا على الالتزام القوي بدعم مبادئ نزاهة القضاء وأخلاقياته المعترف بها عالميًا باعتبار أن نزاهة القضاء تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق التنمية المستدامة والسلام والأمن.
ولفت المشاركون في أعمال الاجتماع، إلى أهمية تحري مفهوم الاقتصاد الأخضر، وعلاقته بمبدأي العدالة البيئية والحقوق البيئية، وتطبيقاتهما في السياق الإفريقي وإجراء البحث الدقيق عن أفضل السبل لتطوير وتنفيذ وإنفاذ قانون البيئة وتعزيز القدرات المؤسسية والأطر السياسية والقانونية لدعم تحقيق الأهداف البيئية المتوافق عليها دوليًا والحد من انتشار الجرائم البيئية في القارة.
انتهى الاجتماع